لا شك أن للإغريق دورا بارزا في تقدم الحضارة المادية ، لكن ينبغي ان يُعلم أنهم استفادوا كثيرا من الحضارات التي سبقتهم كالسومرية والآشورية والبابلية والمصرية القديمة والهندية ، كما استفادوا كثيرا من الفينيقيين الذين استعملوا في الألف الأولى قبل الميلاد الحروف العددية ، فتعلم الإغريق من الفينيقيين الكتابة - ولم يكونوا يعرفونها - وأخذوا عنهم حروفهم واستعملوها مدة طويلة في كتابتهم ، وكذلك في الرمز لأرقامهم على قول ، إلى أن تغيرت لغتهم بمرور الزمن فتغيرت بذلك الحروف .
وقد اعتمد الإغريق والرومان النظام العشري في العد ، وهم يكتبون أرقامهم من اليسار إلى اليمين * ، وثمة تقارب بين الأرقام الإغريقية والرومانية ، انظر الشكل ادناه :
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فيلاحظ ان الفئة الخمسية - سوى الخمسة ، وهي (50 ، 500 ، 5000 ، 50000) جمع فيها على التوالي - بين الخمسة والعشرة ، والخمسة والمئة ، والخمسة والألف ، والخمسة والعشرة آلاف .
وقد استعمل الأيونيون - وهم قَـبيل من الإغريق - حروفهم للتعبير عن الأرقام ، وميزوا بين الحرف والرقم بوضع إشارة أعلى الرقم .
وعَـرَف البطالمة - وهم إغريق مصر - الصفر ، وصورته عندهم (O) . ويبدو أنهم اقتبسوه مع النظام الستيني من البابليين (وقد قال الدكتور ألبرت ديتريش في مقاله - دررالعرب في تطور العلوم الطبيعية - "وقد اقتبس اليونان من المصريين والبابليين الكثير من علوم الرياضيات والفلك والطب") ، أو أنهم تعلموه من الهنود ، وربما كان من اختراعهم .
استعمل الإغريق (وكذلك العبريون والعرب قديما) حروفهم الهجائية في تمثيل الأعداد. وتوضيحا للنظام الإغريقي نستخدم الحروف α (إلفا)، β (بيتا)، ι (أيوتا)، κ (كبا) حيث تدل على الأعداد : واحد، اثنين..... عشرة، عشرين على الترتيب. وبينما تدل ιβ، على (عشرة واثنان) أي 12 فإنه لم يكن ممكنا تبادلهما كما هو الشأن في الرموز الحالية. إذ نستطيع الآن تبديل رقمي 12 إلى 21 لدلالة على واحد وعشرين. أما عند الإغريق فإن 21 يدل عليهما الرمز κα. وقد ترتب على عدم وصول الإغريق إلى فكرة القيمة المكانية إن استخدموا جميع الحروف الهجائية الأربعة والعشرين بالإضافة إلى ثلاث رموز أخرى في كتابة الأعداد الأساسية الأخرى فهي Г (جاما) للدلالة على خمسة، Η (ايتا) للدلالة على 100، Χ (خى) للدلالة على 1000، ولكتابة أى عدد كانت تتكرر هذه الأرقام باستخدام طريقة التجميع كما فعل المصريون القدماء ، وبمرور الوقت توصل اليونانيون إلى طريقة تسمح لهم باختصار الرموز تسمى (بالطريقة الضربية) في كتابة الأرقام فمثلا Η تعني خمسمائة . ويلاحظ أن هذه الطريقة لا تستعمل إلا للتعبير عن عدد يساوي حاصل ضرب رقم خمسة.
ألفا
α
А
بيتا
β
В
جاما
γ
Г
دلتا
δ
Δ
إيسيلون
ε
Ε
زيتا
ζ
Ζ
إيتا
η
Η
ثيتا
θ
Θ
إيوتا
ι
Ι
كايا
κ
Κ
لامدا
λ
Λ
إكساي
ξ
Ξ
أوميكرون
ο
Ο
باي
π
Π
رو
ρ
Ρ
سيجما
σ
Σ
تاف
τ
Τ
إييسيلون
υ
Υ
فاي
φ
Φ
خى
χ
Χ
إيساي
ψ
Ψ
أوميجا
ω
Ω
تستخدم حروف الهجاء اليونانية بكثرة في الرياضيات العالمية، فقلما يخلو مرجع أو كتاب في الريضيات من بعض تلك الحروف مثل Φ (فاى) الحرف الهجائي اليوناني المستخدم للدلالة على المجموعة الخالية في نظرية المجموعات وحرف Л (باي) المستخدم للدلالة على النسبة التقريبية ط ، وكذلك حرف ε إيسيلون الذي يرمز إلى الانتماء (يكتب حرف إيسيلون في اليونانية هكذا ε وهو شديد الشبه برمز الانتماء ) في نظرية المجموعات إذا كتب معكوسا ، ويعتقد أن رمز الانتماء مأخوذ عن هذا الحرف الهجائي) وغير ذلك من الحروف الهجائية باختلاف دلالاتها كرموز رياضية عالمية. ولعل ذلك يرجع إلى فضل اليونان على الرياضيات. فقد خرج منها عظماء العالم الأوائل في الرياضيات وقت أن كانت تعيش عصرها الذهبي مثل طاليس (Thales) الملقب بـ (أبو الرياضيات) حوالي 640 قبل الميلاد وفيثاغورث (Pythagoras) حوالي 580 قبل الميلاد وإقليدس (Euclids) حوالي (30ق م) وأبو لوينوس (Appollonius) (حوالي 262 ق م) وأرشميدس (Archimedes) (287 ق م ) وغيرهم من عمالقة اليونان في الرياضيات في عصرها الذهبي. وإلى هؤلاء يرجع الفضل في وضع كثير من المصطلحات الرياضية المستخدمة إلى الآن كما أن بعض أعمالهم مازالت تدرس في المدارس والجامعات حتى اليوم.