بسم الله الرحمن الرحيم
تاريخ الرياضيات
تاريخ الرياضيات
نعم إن الرياضيات غيرت مجرى التاريخ، فكما الأدب عديم الجدوى دون ألفاظ. كلمات، كذلك العلم يفقد مضامينه ومدلولاته دون الأعداد والمهارات الرياضية، فبدون الرياضيات ما كانت شيدت المباني والجسور، ولا كنا نعمنا بالحواسيب والاتصالات البعادية ولا كانت تحققت الإنجازات الطبية والجراحية الحديثة ولا السيارات أو المركبات الفضائية، ولما عرفنا دنيا المال وعالم التجارة. الرياضيات ليست فقط دراسة الكميات العددية ومناهج المنطق، فهي أيضا تساعدنا في تفهم أشكال الذرات والكواكب السيارة، وفي صنع الرقائق السيلكونية وبناء الجسور المعلقة وفي تحليل أسباب وكيفية انتشار الحمات( الفيروسات ) وماهيتها.
تاريخ الرياضيات حافل بالإنجازات المثيرة- فمن دقة قدماء المصريين الفائقة والعملية إلى نظريات الإغريق الكلاسيكية إلى إبداع محمد موسى الخوارزمي (ت 850) في الجبر، وصياغة البيروني معادلة محيط الأرض بدقة لافتة، إلى إنجازات اسحق نيوتن(1643-1727) في حساب التفاضل والتكامل إلى الدراسات الحديثة في الرياضيات المجردة وتطبيقاتها المذهلة اليوم في مجالات الذكاء الاصطناعي والانتقال الرقمي للمعلومات.
لقد طور المصريون القدماء أول تقويم وفقا لحركات الكواكب والنجوم، كما ابتكروا وحدة "الكويت" أساسا رسميا معتمدا لقياس الطول، وحززوه على قطعة من الجرانيت الأسود تقارن به وتعاير علية جميع أذرع القياس في طول البلاد وعرضها. ولعله لولا دقة هذا الكيوبت ( الذي يعادل تقريبا طول الساعد من المرفق إلى الرسغ ) لما كانت بقيت أهرام الجيزة، إحدى عجائب الدنيا السبع قائمة حتى يومنا هذا.
وفي اليونان قديما أبرز فيثاغورث (582-507 ق.م) وتلامذته التوافق والتأليف بين الموسيقى والرياضيات وبينوا الكثير من خصائص الأعداد والأشكال، ولكن حياة العلماء ما كانت خالية من تعسف المتزمتين، فقد اغتيل فيثاغورث واستشهد الكثير من أتباعه بسبب دراساتهم وآرائهم.
وخلال عصر النهضة كان بعض أعظم الرياضيين فنانين أيضا.فليوناردو دافينشي (1452-1511)، الرسام المبدع ، كان يدون أبحاثه حول المفاهيم الرياضية المتنوعة بيده اليسرى أمام مرآة حتى لا يسرقها المتطفلون، وقد مكنت الرياضيات فلكيي العصر من تحدي مقولة السلف إن الأرض مسطحة، كما رفضوا نظام بطليموس (ت 161 م ) الذي يعتبر الأرض مركز الكون – وكان مثل هذا الرفض ، يومئذ، هرطقة عقوبتها الإعدام.
والرياضيات اليوم أكثر أهمية منها في أي وقت مضى، فهي في واقع الحال حاجة أساسية كالكلمات ووسائل التواصل وبدونها تنهار أساسيات العلم والتقنيات في عالمنا المحتضر.